3. ثم إن الإسلام جاء بأحكام غاية في الإحكام والإتقان ، وهي تصب في مصلحة الفرد ، والمجتمع ، والدولة ، وعندما حرَّم الإسلام العلاقات الجنسية خارج إطار الزواج إنما أراد أن تكون المجتمعات نظيفة في قلوبها ، وأبدانها ، ويكفي أن تعلم النسبة المهولة للأمراض الجنسية التي سببتها العلاقات الآثمة ، والشاذة ، والتي ينبغي أن لا يُختلف في تحريمها بين الأديان ، فكم هم ضحايا ' الإيدز ' ؟ وكم عدد الإصابات ؟ وكيف يعيش من لم يمت منهم ؟ إنها حياة مأساوية ، وميتة بشعة شنيعة يرضاها لنفسه من يدفع حياته من أجل متعة دقائق ! والإسلام جاء بما يحفظ على المسلم دينه ، وقلبه ، وبدنه ، فامتنع المسلم عن فعل الحرام ، ورضي بما حكم الله تعالى له به ، وهو الخبير سبحانه بما يصلح الناس .
4. واعلم أيها السائل أن الدنيا ليس فيها ما يُتحسر على فواته ، وأن هذه الدنيا بالنسبة للمسلم سجنٌ ! وجنته ومتعته الحقيقية إنما هي في الآخرة ، وأما الكافر فجنته في الدنيا فقط ، يلتذ ويستمتع ثم يصير مآله إلى هوان وخسارة .
وقد قال لنا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ذلك بقوله : ( الدُّنْيَا سِجْنُ الْمُؤْمِنِ وَجَنَّةُ الْكَافِرِ ) رواه مسلم ( 2956 ) ..
وقد فسَّرها علماؤنا بقولهم :
معناه : أن كل مؤمن مسجون ممنوع في الدنيا من الشهوات المحرمة ، والمكروهة ، مكلَّف بفعل الطاعات الشاقة ، فإذا مات : استراح من هذا ، وانقلب إلى ما أعدَّ الله تعالى له من النعيم الدائم ، والراحة الخالصة من النقصان .
وأما الكافر : فإنما له من ذلك ما حصل في الدنيا ، مع قلته ، وتكديره بالمنغصات ، فإذا مات : صار إلى العذاب الدائم ، وشقاء الأبد .
' شرح النووي ' ( 18 / 93 ) ...
فنرجو منك التأمل في هذه المسألة حق التأمل ، ونرجو أن تكون مفتاحاً لقلبك لتصل إلى الحق .
5. ومن قال لك إن الإسلام ليس فيه متعة ؟! إننا نستمتع ، لكن بما أباح الله تعالى لنا ، بل إننا نستمتع أضعاف ما تستمتعون – وتظنون أنها متعة - ؛ لأن الشيء المحرَّم ليس فيه متعة ، وإنما المتعة الحقيقية هي المباحات ، والمعصية تعقبها حسرة ، ولن يكون صاحبها في سعادة وهناء ، وانظر حولك لترى صدق هذا القول .
وإذا كنتم تستمتعون بزوجة واحدة : فنحن أبيح لنا الاستمتاع بأربع زوجات ! فما بال قومك ينكرون علينا الليل والنهار ويسيئون لديننا لأنه حكم لنا بهذا الاستمتاع ؟
وإننا نستمتع بالحياة مع أبنائنا وبناتنا ، ولذلك ترى الأسرة المسلمة تنجب أعداداً وفيرة من الأولاد ، فما هو حال استمتاعكم في هذا الجانب ؟
وإننا نستمتع بحب أمهاتنا وآبائنا ، فهل تعلم حقيقة العلاقة بين الواحد منكم وبين أمه وأبيه ؟
ونحن نستمتع بالطعام اللذيذ المباح ، ونستمتع بالشراب المباح اللذيذ ، وهكذا في أبواب كثيرة ، والمهم في ذلك أن يكون الله تعالى أباحها لنا وأذن لنا في الاستمتاع بها .
ويكفينا أن نكون سعداء ، ومستمتعين بما هدانا الله تعالى له ، وهو أننا نسير على الطريق الصحيح الذي يرضى الله تعالى عنّا به ، والذي سار عليه الأنبياء الكرام من قبلُ ، وهذه السعادة حرمها الملايين من الناس ، والذين رضوا لأنفسهم أن يعبدوا حجراً ، أو صنماً ، أو بشراً مثلهم ، وقد أخبرنا الله تعالى أن هؤلاء لن تكون حياتهم هنيئة ، ولن تكون صدورهم منشرحة ؛ لأنهم تركوا توحيد الرب الذي خلقهم ، وأشركوا معه آلهة أخرى ، فعاقبهم الله في الدنيا بضيق الصدر ، ثم سيعاقبهم بضيق القبر ، ثم بضيق الحشر ، ثم يكون مصيرهم جهنم خالدين فيها أبداً ...
وإذا أردت أن تعرف صدق هذا القول فاقرأ قصص من دخل في الإسلام من بني قومك ، أو من غيرهم ، وانظر إلى التحول العظيم في حياتهم ، وانظر إلى السعادة البالغة التي هم عليها الآن ، هذا هو الاستمتاع الذي ينبغي أن تحرص عليه ، وكما دعوتنا لنبتهج ونستمتع فإننا ندعوك بصدق إلى أن تستمتع أنت معنا ، وتسلك طريق السعداء ، وتتذوق السعادة الحقيقية التي تنام معك ، وتستيقظ معك ، لا تفارقك ، حتى لو دخلت قبرك ، إلى أن يدخلك ربك دار السعداء ، وهي جنته التي عرضها السموات والأرض .
سائلين الله تعالى ربنا أن يهديك لمعرفة الحق ، وأن لا يميتك إلا على الدين الذي ختم به الرسالات .
والله الموفق